يتكالب على الإنسان الغم، حين يغفل عن العلة الأساسية لهذه الدنيا وهي التمحيص بين المحسنين والمسيئين كما قال تعالى في كتابه العظيم في سورة الملك: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور} (الملك 2).
ويزيد من هذا الشعور عندما يتجاهل الإنسان حقيقة الدنيا التي أخبرنا الله تعالى في القرآن: { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد 4).
كما لا تخلو حياة الإنسان مهما بلغ نصيبه من الدنيا من الكدر، حتى الملوك والأمراء والسلاطين، بل إن المتابع لأحوالهم ربما يلاحظ علاقة طردية بين الكبد والنصيب من الدنيا، فكلما ازداد نفوذ الفرد وسطوته وماله، كلما زاد كبده ومشقته.
لذا، فإدراك أن الرضا هو السعادة، هو الحل لكبد الدنيا، كما ينبغي للمسلم أن يدرك أنه لله، وأنه مخلوق، لا يملك من أمره شيئ، يسعى وفق منهج الله، ويبلغ ما يستطيع أن يبلغ من الدنيا وهو موقن أنه عطاء الله، وأن كل شيئ مرده إلى الله.
فمن الطبيعي إذن أنه إذا كامن هذا مرد كل شيئ في الدنيا، أن يؤدي التغافل عنه إلى اليأس وأن يكون اليأس والقنوط ملازمان للكفر كما بين الله تعالى في محكم آياته: { إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (يوسف 87).
ينبغي للمؤمن أن يدرك أن الأقدار مكتوبة قبل أن نخلق ونوجد في هذه الدنيا وكل شيئ معلوم لدى الله مسبقا، وأن شيئا لن يتغير بالضجر أو الكبد، وانما فقط بالدعاء.
كما يجب على المؤمن أن ينظر إلى ابتلاءات الأنبياء وصحابتهم الأجلاء، وكيف واجهوها بالرضا والتسليم واليقين، فيكون لديه من القدوة الإنسانية العملية ما يدعم اختياره للرضا والقبول.