عندما حرم الله الزنا، حرم كل ما يؤدي إليه أولا ابتداءا من البصر الحرام، الذي إن أتبعته الهوى، ساقك إلى ما بعده من مراحل الزنا وهي زنا اللسان واليد والرجل وهوى القلب، ثم يمكن أن يصدق ذلك الفرج أو يكذبه كما في الحديث الشريف:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ “ كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ ” صحيح مسلم.
أما إذا قدرت على ما بعد البصر لكنك قد أطلقت بصرك، فلا يعني هذا أنك لم تؤذ نفسك، بل إنك قد ضيقت على نفسك ما رزقك الله به من متاع الدنيا، وقد مددت بصرك إلى متاع الآخرين، فتصيب نفسك بأمراض الحسد وضيق الصدر والبغضاء، فقد قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ}(طه 131).
كما ينبغي للمؤمن أن يتجنب الأماكن التي يصعب عليه فيها مقاومة الحرام، ولهذا نهى رسول الله ﷺ عن الجلوس في الطرقات وحدد آدابها، كما في الحديث:
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضى الله عنه - قَالَ، قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ” إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا، نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: ” فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتُمْ, فَأَعْطُوا اَلطَّرِيقَ حَقَّهُ،قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟قَالَ:” غَضُّ اَلْبَصَرِ, وَكَفُّ اَلْأَذَى, وَرَدُّ اَلسَّلَامِ, وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ, وَالنَّهْيُ عَنْ اَلْمُنْكَرِ” مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .