ذكر القرآن الكريم قصة داوود وجالوت، ويحاول الكثير من المسلمين استخلاص العبر منها للحياة الدنيا والآخرة.
كثيرا ما يستحضرها الناس للدلالة على أهمية الصبر على أوامر الله مع مخالفتها لإدراك العقل البشري المحدود، وجريان سنة الله –تعالى- في التمحيص وتصفية الأتقى والأخلص.
لكن هذا الكتاب، ألقى الضوء على القصة القرآنية من زاوية أخرى، وهي مواجهة التحديات الكبرى بإمكانيات أقل.
فيصف الكتاب في القصة معركة داوود وجالوت، إذ كان الجيشين على أعلى جبلين متقابلين، مما جعل التقدم للقاء الخصم خيار صعب على كلا الجيشين.
في هذه الأحيان، نزل جالوت إلى الوادي بين الجبلين، يستعرض قوته ويطلب أحدهم للمبارزة بشكل فردي، فجبن الجميع، ولم يكن باستطاعة طالوت أن ينزل للوادي، حتى لا يفر بني إسرائيل إذا ما قتل.
كان داوود –عليه السلام- فتى صغيرًا في تلك الأحيان، لكنه ألقي في قلبه أنه قادر على مبارزة جالوت، فتقدم للمبارزة، فعرض عليه سيف ودرع ليلقاه بهما، لكنه رفض.
ونزل للقاء جالوت العملاق المدرع المسلح، بمقلاع كان يجيد سيدنا داوود استخدامه، وحرك المقلاع تجاه جالوت فأصابه بين عينيه في منتصف جبهته، فسقط مغشيا عليه.
في هذه الأحيان، أخذ داوود –عليه السلام- سيف جالوت و: {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ} (البقرة 251).
انطلق من معرفتك بنفسك
يقول مؤلف الكتاب، إن داوود –عليه السلام-، عندما ركز على مهارته في المقلاع، وواجه جالوت بمهارة لم يستعد لها، أفقده ميزته بل وتحولت دروعه وضخامته لعبء يثقله.
كذلك كما كان في معركة ذات الصواري التي واجه المسلمون فيها البيزنطيين لأول مرة في البحر في تاريخ المسلمين، بالرغم من المهارة التاريخية البحرية العريقة للروم.
فقام المسلمون بتحويل المعركة البحرية إلى معركة برية على أسطح المراكب في البحر، لذا تمكن المسلمون من غلبة الروم عندما تحولت المعركة إلى مواجهة مباشرة بالسيوف والرماح.
لهذا، من الأفضل أن يلتفت الشخص إلى ما يتقنه ويتمركز حول ما يعرفه، وألا يكون رد فعل لما تمليه الحياة، أو الأشخاص، وهذا يتطلب من المسلم يقظة ووعيا لذاته وما حوله.
كذلك تظهر أهمية هذا الأمر أثناء تربية الأطفال، فينطلق المربي من نظرة واعية لكل طفل ومعرفة ما يميزه، وما يجد فيه صعوبة، وينطلق مما يميز الطفل ويعلمه بالطريقة التي تناسبه.
خاصة إذا علمنا أن الاستعداد لمواجهة التحديات بهذه الطريقة قد يحسن حياة الشخص ويجعل منه شخصا فريدا راضيا.
على الجانب الآخر، قد يؤدي الضغط على الأطفال أو على النفس لمواجهة التحدي دون النظر إلى إمكانياتها إلى بناء شخصية مهزوزة وغير مستقرة.