كشفت العديد من الأبحاث الطبية طبيعة دورة حياة العدوى التي تسببها الفيروسات والجراثيم، ومن هنا تم تبني مراحل متعددة لمكافحة العدوى في حال انتشار الوباء تبدأ من الحجر الصحي، وتطوير الأمصال، واللقاحات بشكل متجدد لمجاراة تطوير الأجسام المعدية من نفسها بشكل مستمر.
وقد شرَّع رسول الله ﷺ للحجر الصحي قبل 14 قرن عندما قال عبد الرحمن بن عوف متحدثا عن مرض الطاعون سمعت رسول الله ﷺ يقول: “إذَا سَمِعْتُمْ به بأَرْضٍ فلا تَقْدَمُوا عليه، وإذَا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بهَا فلا تَخْرُجُوا فِرَارًا منه”، (صحيح البخاري)
وفي جدوى ذلك، فإنه من المُقَرّ طبيا أن من قد يتعرض للجسم المعدي يمكن أن يكون حاملا للمرض دون أن تظهر عليه الأعراض خلال فترة الحضانة، ومن شأنه أن ينقل العدوى للآخرين وهم لا يشعرون.
التجربة العملية
كانت أولى تجارب المسلمين في نظام الحجر الصحي، حين طاعون عمواس في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عام 18 هجرية، بعد فتح فلسطين.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ، لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام، فجمع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار، فرأوا ألا ينزل على الوباء، فقال أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-: “أفراراً من قدر اللَّه!”، فقال عمر -رضي الله عنه-: “لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!” وكان عمر يكره خلافه، “نعم نفر من قدر اللَّه إلى قدر اللَّه”، ثم ذكر له سيدنا عبد الرحمن بن عوف الحديث الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم.