القلب السليم جنة صاحبه في الدنيا والآخرة، فصاحب القلب السليم في الدنيا، يسلم أمره لله وينعم بالسلام في نفسه إذ يخلو قلبه من الأمراض المنغصة، مثل الغل والحقد والحسد، أو الشك والقلق.
لكن الدنيا وما فيها من ملذات ومتاعب تجعل مهمة المؤمن في الحفاظ على قلبه نقيا سليما، مهمة صعبة تحتاج أن يتعهد نفسه بالمراقبة والعناية.
إلا أن المدرك لقيمة الغاية لا تعجزه صعوبة المهمة ولا طول الطريق، فمن يع قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُون إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء 88، 89)، يعرف أن سلامة قلبه هي الغاية الأولى حتى يصلح عمله في الدنيا والآخرة.
يعرف العلماء القلب السليم فيذكر الطبري أن المراد من القلب السليم؛ سلامة القلب من الشك في توحيد الله، والبعث بعد الممات. أما الرازي فيرى أن المراد من القلب السليم؛ سلامة النفس عن الجهل والأخلاق الرذيلة، ويقرر ابن عاشور أن المراد من القلب السليم، الخلوص من عقائد الشرك، مما يرجع إلى معنى الزكاء النفسي، بينما يذكر الشيخ السعدي أن المراد من القلب السليم؛القلب الذي سلم من الشرك والشك ومحبة الشر والإصرار على البدعة والذنوب. وكل هذه الأقوال متقاربة ومتعاضدة يشرح بعضها بعضاً.
كما بين البعض صفات القلب السليم بأن لصاحبه ثلاث خصال؛ لا يعبد إلا الله، ولا يشتهي شهوة لا ترضي الله، ولا يعمل عملا يتناقض مع وحي الله.
كيف نحافظ على سلامة القلوب
هناك أمور تعين المؤمن أن يكون صاحب هذا القلب منها:
- ذكر الله تعالى
- الإحسان إلى الخلق أي قضاء الحوائج
- كثرة الطاعات والاستعداد للدار الآخرة
- كثرة الدعاء
- ترك فضول المباحات: (الكلام، المخالطة والاستماع، الأكل، النوم، الضحك)
وللمؤمن أيضا أن يدرك أن ما بقلبه من خير فهو من الله وعليه أن يلزم الدعاء ولا يأمن على قلبه من أن يصيبه مرض أو يشوبه شائبة، إذ يقول رسول الله ﷺ : ” إنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِن أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا علَى طَاعَتِكَ” صحيح مسلم.