عندما تأتي بنت صغيرة أو طفل صغير يسألنا حاجة من حاجاته، نؤجله ما استطعنا حتى وإن كان من أولادنا، أما النبي –صلى الله عليه وسلم-، كانت تأتي إليه الأمة فتأخذه من يديه الكريمة حتى يقضي لها حاجتها.
كان –صلى الله عليه وسلم- لا يأنف أن يمشي في حاجة الضعيف والمسكين، كما يأنف الكثير من بني زماننا وزمان النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يراه الناس ماشيا في حوائج الضعفاء.
بل من الناس من يتكاسل وتثقل عليه حاجات الفقراء، ما لم يكن له فيها نفع، أما حاجة الأقوياء وذوي النفوذ، فتجد الناس يتسارعون إليها، وتجدها تخف على الكثير من الناس.
وكان قضاء حوائج الضعفاء هذا ليس في وقت الرخاء فقط، بل إنه كان في الحرب كما كان في الرخاء، وكان في الحل كما كان في الترحال.
فقد روي في البخاري ومسلم عن عائشة –رضي الله عنها- أنها ” أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ (أي ضاعت)،
فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا،
فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ،
فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَقَالَ: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً “.
ففي هذه القصة، اهتم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لأمر عقد أم المؤمنين عائشة وأرسل في البحث عنه، ولم تتحرج السيدة عائشة أن تخبرهم بضياع العقد، أو تشعر أنها ستثقل عليه في طلب كهذا.