سورة الصافات هي سورة مكية ما عدا الآيات من 23 حتى 27 مدنية، عدد آياتها 182 وترتيبها في المصحف 37، وهي في الجزء الثالث والعشرين، نزلت بعد سورة الأنعام.
سميت باسم الصافات وهي جموع الملائكة المصطفة لعبادة الله –تعالى-.
هذه السورة المكية كسابقتها قصيرة الفواصل، سريعة الإيقاع، كثيرة المشاهد والمواقف، متنوعة الصور والظلال، عميقة المؤثرات.
تستهدف كسائر السور المكية بناء العقيدة في النفوس، وتخليصها من شوائب الشرك في كل صوره وأشكاله. ولكنها بصفة خاصة تعالج صورة معينة من صور الشرك التي كانت سائدة في البيئة العربية الأولى.
يقول تعالى : {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153)}
ولكنها بصفة خاصة تعالج صورة معينة من صور الشرك التي كانت سائدة في البيئة العربية الأولى. وتقف أمام هذه الصورة طويلاً؛ وتكشف عن زيفها وبطلانها بوسائل شتى، تلك هي الصورة التي كانت جاهلية العرب تستسيغها.
وهي تزعم أن هناك قرابة بين الله سبحانه وبين الجن. وتستطرد في تلك الأسطورة فتزعم أنه من التزاوج بين الله تعالى والجنة ولدت الملائكة. ثم تزعم أن الملائكة إناث، وأنهن بنات الله!
وفي نهاية السورة تأتي الحملة المباشرة على تلك الأسطورة المتهافتة: {مالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (157) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا ۚ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159)}.
إلى جانب علاج هذه الصورة الخاصة من صور الشرك الجاهلية تتناول السورة جوانب العقيدة الأخرى التي تتناولها السور المكية.
فتثبت فكرة التوحيد مستدلة بالكون المشهود: إِنَّ إِلَٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ ، رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ }(4،5).
كذلك تتناول قضية البعث والحساب والجزاء، في قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ،أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ، أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ} (15،16،17).
ثم تعرض بهذه المناسبة مشهداً مطولاً فريداً من مشاهد القيامة الحافلة بالمناظر والحركات والانفعالات والمفاجآت!
وتعرض لقضية الوحي والرسالة الذي ورد من قولهم: {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} (36،37).