سورة (ص)، هي السورة 38 في المصحف وهي في الجزء الثالث والعشرين بدأت بحرف (الصاد) وهو الحرف ال14 من حروف الهجاء في اللغة العربية، نزلت بعد سورة القمر وفيها سجدة تلاوة في الآية 24.
تعالج من موضوعات السور المكية قضية التوحيد، وقضية الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم وقضية الحساب في الآخرة.
تعرض هذه القضايا الثلاث في مطلعها الذي يؤلف الشوط الأول منها.
وهو الآيات الكريمة التي فوق هذا الكلام، وهي تمثل الدهش والاستغراب والمفاجأة التي تلقى بها كبار المشركين في مكة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم إلى توحيد الله؛ وإخبارهم بقصة الوحي واختياره رسولاً من عند الله.
يقول تعالى:
{وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} .
قد استكثر الكفار أن يختار الله سبحانه رجلاً منهم، لينزل عليه الذكر من بينهم. وأن يكون هذا الرجل هو محمد بن عبدالله. الذي لم تسبق له رياسة فيهم ولا إمارة.
في هذا السياق جاءت قصة داود وقصة سليمان؛ وما أغدق الله عليهما من النبوة والملك، ومن تسخير الجبال والطير، وتسخير الجن والريح، فوق الملك وخزائن الأرض والسلطان والمتاع.
وهما مع هذا كله بشر من البشر؛ يدركهما ضعف البشر وعجز البشر؛ فتتداركهما رحمة الله ورعايته، وتسد ضعفهما وعجزهما، وتقبل منهما التوبة والإنابة، وتسدد خطاهما في الطريق إلى الله.
وجاء مع القصتين توجيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصبر على ما يلقاه من المكذبين، والتطلع إلى فضل الله ورعايته كما تمثلها قصة داود وقصة سليمان.