تعج وسائل التواصل هذه الأيام بمنشورات العشر الأوائل من ذي الحجة وتتوالى الرسائل والنصائح تسرد فضل هذه الأيام وتدعو لاغتنام نفحاتها وبركاتها.
لكن لم كل هذا الاهتمام بالأيام العشر، هذا الاهتمام الذي قد لا نرى ما يضارعه إلا عند الحديث عن العشر الأواخر في رمضان؟
ما لا يعلمه الكثير أن هذه الأيام تضاهي – بل قد تفوق- شهر رمضان فضلا وبركة، والمقارنة بين رمضان وعشر ذي الحجة، والنقاش في تحديد أيها أعلى قدراً مستفيض في كلام العلماء، ولكل فريق حجته، لكن هذا النقاش بحد ذاته دليل على عظم مكانة هذه الأيام وجلال قدرها.
لذا، لنستكشف طرفا من فضل هذه الأيام في النقاط الخمس التالية:
1- أعظم الأيام
في الحديث عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :” أفضلُ أيامِ الدُّنيا العشرُ – يعني : عشرَ ذي الحِجَّةِ – . قيل : ولا مثلهنَّ في سبيلِ اللهِ ؟ قال : ولا مثلهنَّ في سبيلِ اللهِ ، إلا رجلٌ عفَّر وجهَه بالتُّرابِ” (صححه الألباني في صحيح الجامع)
وفي صحيح ابن حبان: “ما مِن أيَّامٍ أفضلُ عندَ اللهِ مِن أيَّامِ عشْرِ من ذي الحجَّةِ” قال: فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ هنَّ أفضلُ أم عِدَّتُهنَّ جهادًا في سبيلِ اللهِ ؟ قال: “هنَّ أفضلُ مِن عِدَّتِهنَّ جهادًا في سبيلِ اللهِ… “
2- خير الأعمال في خير الإيام
عن ابن عباس – رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ.” (رواه البخاري)
3. أيام أقسم الله -عزوجل- بهن
قال الله عزوجل: (وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر 89: 1-2)
والمراد بها عشر ذي الحجة . كما قاله ابن عباس ، وابن الزبير ، ومجاهد ، وغير واحد من السلف والخلف (تفسير ابن كثير)
4. تزدان بأعظم يوم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ” إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ ” . قَالَ عِيسَى قَالَ ثَوْرٌ وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي (رواه أبو داود وصححه الألباني)
5- يوم النفحات… يوم عرفة
ليوم عرفة منزلة خاصة، فالحج عرفة، وهو يوم تتنزل فيه رحمات الكريم على عباده ويغمرهم فيه بعفوه ومغفرته.
في صحيح مسلم عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ “ مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ ”.
إذن ها هي الفرصة تتجدد لنيل رضا الله عز وجل والعتق من النار، أيام تعيد عبق رمضان وطاعته وصلواته، وتبشر برحمات الله ومغفرته، فهلا اغتنمنا ساعاتها ودقائقها فمن يدري إن كانت أسماؤنا في عداد من يحظون بشهود رمضان أم أن الأجل أقرب.