- تصور خاطئ عن مفهوم حسن الظن بالله
- الدنيا دار اختبار
- المفهوم السليم لحسن الظن بالله
تنتشر العديد من العبارات التي يفهم الناس منها أن هذا هو المقصود بحسن الظن بالله، فيقول البعض: “الله أكرم من أن يحيي في قلبك أملا ثم لا يعطيك إياه” أوغيرها من العبارات التي تحدث الناس قطعا بأنهم بمجرد “يقينهم بالله”، فسيعطهم الله ما يسألون.
لكن هذه العبارات تحمل في طياتها تصورا خاطئا عن مفهوم حسن الظن بالله، وعن العلاقة بالله بشكل عام، فكما أن الله قطع وعودا بأن يستجيب الدعاء، فقد أقسم أيضا أن يرسل الابتلاءات.
فالدنيا أصلها للاختبار لا للترضية ولا للحصول على الآمال، فقد قال –تعالى- في كتابه العزيز: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة 155).
لذا، فتعزيز هذا التصور الوردي للحياة بأنك دائما في سلام وإضفاء معنى معية الله لهذا التصور، هو تصور معاكس تماما لما يجب أن يدركه المؤمن عن الدنيا.
ما هو حسن الظن بالله؟
فما عند الله لن ينال إلا بالصبر على الدنيا وما فيها، والصبر ليس ساعة، بل قد يمتد لسنوات ولعدة اختبارات، والمطلوب أن يتحول الصبر الجميل إلى مفهوم حياتي يعيش به المؤمن.
والصبر مظلة كبيرة تشمل الصبر على النفس والعبادات والمعاملات، والصبر على نقصان الدنيا.
المؤمن الصابر لا يعبد الله على حرف كما ذكر الله –تعالى- في القرآن الكريم: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (الحج 11).
لأن المؤمن الصابر يعلم أن أمره كله لله، يحمد الله على الخير ويرضى بقضاء الله إذا مسه الشر، فيتماشى في سكينة مع قضاء الله وقدره.
لا يفرح للخير حتى يطمئن للدنيا وينسى أن يحمد الله عليه ولا يجزع للشر ويضجر لقضاء الله.
كما أن منع الله مسألة الإنسان عنه لا تعني عدم الاستجابة للدعاء، بل إنها تعني الاستجابة للدعاء بما فيه النفع له.
كما قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “سألتُ ربي ثلاثًا ، فأعطاني اثنتينِ ، ومنعني واحدةً ؛ سألتُ ربي أنْ لا يُهْلِكَ أمتي بالسَنَةِ ، فأعطانيها ، وسألتُهُ أن لَّا يُهْلِكَ أمتي بالغرَقِ ، فأعطانِيها ، وسألْتُهُ أن لَّا يَجْعَلَ بأسَهم بينَهم ، فمنَعَنِيها” (صحيح مسلم).
في هذا الفهم، يكمن السلام الحقيقي وتكمن جنة الدنيا وفيها الصبر الجميل، الذي يبصرك بالله، ففي البلاء حين يصبر المؤمن يستطيع أن يتبصر باقي نعم الله عليه، ويستطيع أن يتبصر قيمة الحياة، وقيمة وجود المسلم فيها.