كان الرفق من أجمل الصفات التي تبدت في حياة النبي –صلى الله عليه وسلم- وسنته، خاصة على الأطفال والضعفاء والنساء.
كان –صلى الله عليه وسلم- يتحسس لمشاعر الناس فيحافظ على مشاعرهم ففي الحديث الشريف:
عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ، مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا فَقَالَ “ ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ ” (صحيح البخاري).
كما عرف عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرفق بالأم ويقصر الصلاة حتى يفرغ الأم للرضيع الباكي.
فقد روى عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جوز ذات يوم في صلاة الفجر فقيل: “يا رسول الله لم تجوزت؟”
قال: “سمعت بكاء صبي فظننت أن أمه معنا تصلي فأردت أن أفرغ له أمه” (مسند أحمد).
وهذه الصلاة التي كانت وصية النبي –صلى الله عليه وسلم- والتي هي خير موضوع، فالصلاة على علو قدرها عند النبي –صلى الله عليه وسلم-، جوز فيها رحمة بالأم وطفلها.
ومن رحمته بالنساء –صلى الله عليه وسلم- ما روي في صحيح البخاري: أَتَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى بَعْضِ نِسَائِهِ ومعهُنَّ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَقَالَ: ويْحَكَ يا أنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ سَوْقًا بالقَوَارِيرِ
قَالَ أبو قِلَابَةَ: فَتَكَلَّمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَلِمَةٍ، لو تَكَلَّمَ بهَا بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عليه، قَوْلُهُ: سَوْقَكَ بالقَوَارِيرِ.
ومن الحديث نعرف أن فعل النبي وحرصه على الرفق بالنساء، كان مستغربا في مجتمع حديث عهد بأكل مال النساء ووأدهن، إلا أن قيمة الرفق عند النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت أعلى من احتسابه لما قد يقوله الناس.
بل إن أساس دعوته -صلى الله عليه وسلم- أن يحرر الناس مما يقيدهم عند الناس، وأن يكونو أحرارا لله فقط.