من أهم ما ذكر في سورة النور، حادثة الإفك التي أثقلت كاهل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وزوجته وأحب الناس إليه عائشة رضي الله عنها.
وفي هذه الحادثة، دروس كثيرة للأمة الإسلامية سواءا الفرد أو المجتمع، أو القائد.
أما الفرد المظلوم في حادثة الإفك، فكانت السيدة عائشة، التي كانت غافلة عن الشر وعن كل ما كان يقال في حقها، وبقيت كذلك شهرا كاملا.
فلما عرفت ما يدور حولها، ما كان منها إلا أن أسلمت أمرها لله، وتوكلت عليه ثقة فيما عنده من الإنصاف، رغم ما عانته من حزن كاد أن يذهب بها.
أما صفوان بن المعطل، الذي اتهم بخيانة عرض رسول الله كذلك، لم يصلنا شيئ عن دفاعه عن نفسه ولا عن وقوفه أمام أمر الله.
لكن وصلنا قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- عنه: “لم نر منه إلا خيرا”، وأنه من أصحاب بدر.
أما النبي –صلى الله عليه وسلم-، فلم يأخذ المتهمون بالجريرة، لكنه عانى من الحيرة الإنسانية والحزن ما يمكن أن يجده نبي قائد، يواجه إرجاف المنافقين، وتشكك أصحابه المؤمنين.
حتى أنه استشار من يأتمنهم من أصحابه، أسامة بن زيد وعلي بن أبي طالب –رضي الله عنهما-.
ثم قام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فاستشار أصحابه على الملأ، وطلب العذر في عبد الله بن أبي بن سلول دون أن يذكر اسمه.
إلا أن أصحاب رسول الله أخذتهم الحمية، حتى انشغل رسول الله بهم عن أمره، وعاد مهموما.
تبرئة قرآنية
فلما كانت السيدة عائشة –رضي الله عنها- بين أبويها، قال لها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “أما بعد، يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه”.
وظلت أمنا عائشة –رضي الله عنها- تعاني الغم حتى نزل في أمرها قرآنا يبرئها في قوله تعالى: ” فأنزل الله عز وجل:{ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (النور 30).
فما هو الخير الذي يمكن أن يكون في اتهام عرض رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؟
الدروس المستفادة
- كانت حادثة الإفك درسا قويا للمجتمع الإسلامي، أنزل على إثرها تشريعات، لحمايته، وطبقت فيها حدود الجلد على من خاض في عرض المحصنة، عائشة –رضي الله عنها- من المسلمين.
- فضحت المنافقين وإرجافهم
- كانت فضلا عظيما للسيدة عائشة-رضي الله عنها- أن يبرئها الله من فوق سبع سموات، وكانت مواساة لغيرها من النساء اللاتي يمكن أن يتعرضن لمثل هذا الأذى، وليس لديهن حول ولا قوة في الرد عن أنفسهن.