نحتاج إلى منصات التواصل الاجتماعي لمتابعة أخبار من يهمنا أمرهم، ولمشاركة ما نفكر فيه مع الآخرين، ونتعرف من خلالها على الكثير من الأشياء الحياتية والفكرية والمعرفية.
إلا أننا ننزلق وراءها نظرا لقربها من أنفسنا فنجد بعض السلبيات الناجمة عنها وقد مست حياتنا بدرجات مختلفة كل حسب انخراطه.
سلبيات الانزلاق خلف التواصل الاجتماعي
- انقطاع التواصل مع النفس، إذ يصبح كل ما يجول في خاطر الإنسان معرضا أن يكون على الملأ، دون معالجة حقيقية، تُعرض فيها الأفكار على الأطر الاجتماعية والقناعات العميقة، ومدارسة تأثير الكلمات والأفكار على النفس والمحيط الاجتماعي القريب والعام.
هذا النقص في المعالجة، يؤدي إلى أفكار مبتورة، واستنزاف للمشاعر والانفعالات، فضلا عن أن تكون ممتدة التأثير إلى أفعال ملموسة كأن يقوم الشخص بتجنب قول معين نظرا لانتشار التهكم عليه مثلا.
- تشويش التواصل الاجتماعي الحقيقي؛ ويعتبر هذا الأثر نتيجة طبيعية للأثر السابق، إذ لا يستطيع الإنسان بناء علاقات اجتماعية عميقة وهادئة وحقيقية، بأفكار مبتورة ومشاعر مشوشة ومبادئ لم تختبر، بل قد يؤدي إثارة تلك الأفكار المبتورة التي يستوردها متلقي التواصل الاجتماعي من غيره إلى زعزعة علاقاته الحالية.
- يؤثر التواصل الاجتماعي على السلوك المعرفي والمهارات العقلية والذهنية للإنسان، إذ تشير الدراسات المعنية بالبحث في سلوك مستخدمي التواصل الاجتماعي إلى تناقص قدرة المستخدمين على التركيز وتناقص الفترة الزمنية التي يستطيع فيها الإنسان استيعاب ما يقرأه ويشاهده، نظرا لكثرة المدخلات إلى عقله، مما لا يترك للعقل فرصة للفهم والتحليل.
ثم يتجاوز الأمر هذا إلى الصور، إذ أصبح الإنسان لا طاقة له على قراءة الكلمات، إذا لم تكن مصحوبة بالصور أو الصوت.
- كما يجعل استخدام منصات التواصل الاجتماعي القلوب عرضة إلى الأمراض القلبية كالبغض والغيرة والغل والحسد، خاصة مع انتشار ظاهرة التسويق من خلال الأشخاص المؤثرين عبر التواصل الاجتماعي، والذي يجعل من هؤلاء الأشخاص أيقونة للعلامات التجارية المختلفة.
- كذلك ينتشر اللغو في منصات التواصل الاجتماعي، خاصة حين ينتشر “ترند” يتناول قصة أحد الأشخاص بالتشهير، أو ينتقص من شأن من يصدق أفكارا بعينها، أو يعيش حياته وفق أسلوب معين، مثل الذين يعيشون في مناطق سكنية شعبية أو يتحدثون إحدى اللهجات المحلية، ولا شك أن هذا ينتقص من الإيمان، إذ أن الله تعالى أمر المؤمنين في كتابه العزيز بالإعراض عن اللغو.
ضوابط استخدام منصات التواصل
هنا نجد أنفسنا في حاجة إلى تحديد الضوابط التي تمكننا من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل فعال دون الانزلاق في آثارها السلبية.
- ابق يقظا، واسأل نفسك دائما ما الفائدة مما أفعل؟ وما العائد علي وعلى ديني.
- كن على موعد مع خلوتك، احرص على أن تختلي بنفسك وتتأمل ما علق بها خلال يومك، حرصك على صحتك وطعامك، فالخلوة في هذه الظروف تعتبر مفتاح الصحة النفسية والعقلية والاجتماعية.
- خطط ليومك منذ الاستيقاظ، لا تتعجل النهوض من سريرك قبل أن تنظر نظرة كلية على يومك وماذا أنت فاعل به، وما هي المستهدفات من هذا اليوم، حتى لا تجد نفسك، مفعولا به، يتلقفك الزحام بين الغث والسمين من المهام.
- قيم استخدامك وأعد النظر إلى ما قدمت يديك عبر تلك المنصات، واسأل نفسك هل يسرني أن أجد ما قدمت في كتابي يوم القيامة؟! فإذا كان ما يقوله لسانك، ربما ينساه عقلك أو لا تلقي له بالا، فإن ما كتبته يداك موجود يمكنك إصلاحه متى شئت.
- تحكم فيم تتلقاه، وقم بإلغاء متابعة ما تجد أن المحتوى الذي يقدمه لا يتسق مع معتقداتك والنمط الذي ترضاه لحياتك.
- أخيرا، أعرض عن “الترند”، وتحرر دائما من الضغط الزائف الذي يشكله التوجه العام لآراء من يشاركون في صناعة تلك التوجهات، ولا تغتر أبدا بقدرتك على الصياغة، ولا تستسلم لرغبتك في الظهور لا من خلال الاختلاف ولا من خلال الموافقة على رأي الأغلبية والمزايدة المحمومة التي تتسم بها تلك التوجهات، واسأل نفسك دائما هل ما أقدمه يعبر عني حقا؟