مسَ المقداد بن الأسود وصاحبيه جهد جهيد، فأتوا أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-فلم يجدوا لدى أحد ما يقيم جهدهم، حتى أتوا النبي –صلى الله عليه وسلم-فأمرهم أن يحلبوا ثلاثة أعنز.
قرر المقداد وصاحبيه أن يشربوا من لبن العنزات ويرفعوا نصيب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-حتى يأتي في المساء، فوسوس الشيطان للمقداد أن يشرب نصيب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
فلما شربها، ندم ندما شديدا فلم يستطع النوم، فلما أتى النبي –صلى الله عليه وسلم-، فوجد قدحه فارغا، دعا: ” اللَّهُمَّ، أَطْعِمْ مَن أَطْعَمَنِي، وَأَسْقِ مَن أَسْقَانِي” فقام المقداد إلى العنزات ليذبح أسمنها للنبي، فوجد أضرعها قد ملئت بالحليب وهي بعد قد حلبت منذ قليل، ولم تتم فواقها.
حلب المقداد العنزة للنبي –صلى الله عليه وسلم-، فسأله النبي: “هل شربتم الليلة”، فقال المقداد: “اشرب يا رسول الله”، فشرب –صلى الله عليه وسلم-.
أدرك المقداد أنه قد أصاب دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فضحك حتى سقط أرضا، فسأله –صلى الله عليه وسلم عما يضحكه.
حكى المقداد للنبي –صلى الله عليه وسلم-ما حدث، فقال –صلى الله عليه وسلم-: “ما هذِه إلَّا رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ، أَفلا كُنْتَ آذَنْتَنِي فَنُوقِظَ صَاحِبيْنَا فيُصِيبَانِ منها؟”.
قال المقداد: “وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما أُبَالِي إذَا أَصَبْتَهَا وَأَصَبْتُهَا معكَ مَن أَصَابَهَا مِنَ النَّاسِ”.