عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخْرٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ يَقُوْلُ:
“مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ” رواه البخاري ومسلم.
في هذا الحديث ثلاثة أوامر مفصلية تؤسس لطريقة تلقي المسلم لأوامر ونواهي النبي –صلى الله عليه وسلم-، وكيف يفعل في ما عدا ذلك.
ما نهيتكم عنه فاجتنبوه
أي أن المؤمن بالنبي ﷺ يجب أن ينتهي عما نهانا عنه كليا، لا يحاول أن يلوي عنق النصوص ولا أن يتحايل على الأحكام على حسب هواه.
والاجتناب فيه دلالة على البعد التام عن طريق ما نهى عنه النبي ﷺ، فالوقوع في ما نهى عنه النبي ﷺ يبدأ بتتبع السبل إليه.
أما الأوامر فهي كثيرة، وفيها الضروري واللازم وفيها المستحب والمستحسن، لذا يأتي الأمر الثاني في الحديث.
وما أمرتكم به فخذوا منه ما استطعتم
فقد اشتكى رجلا في زمن الصحابة للنبي من كثرة شرائع الإسلام فقد روي في صحيح الترمذي “أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به قال : لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذكرِ اللهِ”.
وفي ذكر الله معية تورث المؤمن اليقظ، خشية الله، ومراقبته عز وجل، وفيها حث على كل خير في كل وقت، فالذكر في حد ذاته سيحث صاحبه على أن يأتي من شرائع الإسلام ما استطاع كما أمر النبي محمد ﷺ.
وتلك طبيعة النفس التي تسلم بأوامر الله، أما النفس المتشككة فتكثر من الاختلاف والأسئلة، لذا جاء الأمر الثالث في الحديث النبوي.
فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم
وفي هذا الأمر نهي عن الاستسلام للريبة والخلافات والتشكك، كما فعل بني إسرائيل في قصة البقرة، عندما بالغوا في الأسئلة عن تفاصيل الأمر الإلهي، ولم يهموا بتنفيذه فور أن أمرهم به نبيهم موسى –عليه السلام-.
كما اختلفوا في شرائع طعامهم حتى حرم عليهم من الطعام ما لم يحرم على غيرهم.