عني الإسلام كثيرا بمعنى الطهارة روحيا وبدنيا، بل وكانت التطهر، ثالث ثلاثة أسباب لمحبة الله عز وجل، إذ يقول تعالى في سورة البقرة: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} )222).
كلمة التطهر بهذه الصيغة تفيد قيام المسلم بأفعال مقصودة للوصول إلى حالة الطهارة بدنيا وروحيا.
اقترن ذكر الآية للتطهر وحب الله للمتطهرين بحبه للتوابين، لأن التوبة هي تطهر القلوب من أمراضها، كالغل والبغض والحسد والرياء والنفاق وغيرها من أمراض القلوب.
التوبة فعل يستطيع الإنسان القيام به، فهي تبدأ منذ اللحظة التي يفكر فيها الإنسان بأنه ارتكب خطئا، ومن ثم يتملكه الشعور بالندم، فيتوقف عن الفعل الخطأ الذي ارتكبه.
كذلك التطهر القلبي، فهو يبدأ من اللحظة التي تدرك فيها ما يعكر صفو قلبك، كأن تشعر بالغيرة مثلا أو أن تشعر بالحقد تجاه أحدهم، ومن ثم تتبع ما تفكر فيه، وتعالج الأفكار التي أدت بك إلى هذا الشعور، ثم تعزم على التوبة وعلى أن تنشغل بنفسك عن خلق الله.
وسائل التطهر
كما جعل الله لنا في الوضوء والغسل والطاعات، طهرا من صغائر الذنوب، يقول تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (هود:114).
في صحيح مسلم: “من توضأ فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره”.
وفي مسلم أيضًا: “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات”؟ قالوا: “بلى يا رسول الله”. قال: “إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط”.
وفي مسلم أيضًا ” الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ”.
وفي الصحيحين: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما”، وفيهما أيضا: “من حج لله فلم يرفث، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه”.
كما أهدانا الله تعالى الاستغفار ليمح به الخطايا، بل وجعله محببا إليه -عز وجل-، فيقول تعالى في الحديث القدسي: “يا عبادي إنَّكُم تُخْطِئونَ بالليلِ والنَّهارِ وأنا أغفرُ الذٌّنوبَ جميعًا ولا أبالي فاستغْفِرونيِ أغفرْ لكُمْ” حديث صحيح.
لهذا يجب على المسلم أن يأخذ بالأسباب ليحافظ على طهارة بدنه وقلبه، حتى يصل إلى محبة الله عز وجل.