أعلى مراتب الحب هي التي تتحول إلى سلوكا دالا على الحب، والأكثر حبا لنا هو الله الذي من علينا بأعظم النهم وهي نعمة الخلق والإيجاد، ثم تودد إلينا بالعديد من السبل.
أولها النعم
تودد الله إلينا بالنعم ليس فقط ما يقيمنا أحياءا ولا ما نسد به رمقنا، بل تودد إلينا بما يزين حياتنا من كل شيئ فالطعام مثلا، تودد الله لنا بأنواع شتى مثل الحبوب والفواكه والخضروات والمكسرات والأنواع المختلفة من اللحوم.
كما تودد إلينا في جمال الكون، فأبدع في تفاصيله وألوانه وجماله، وأحسن في تسخير كل شيئ للإنسان ومنحه العقل وألهمه الحاجات وطرق قضائها مما أنعم الله به عليه في هذا الكون الفسيح، بل وألهمه أيضا الاستمتاع بفيض نعمائه.
فالإنسان لم يقف عند الاكتساء لغرض ستر العورة، بل تنعم في الحرير والريش وتجمل في الصبغات والألوان، وتنعم بأصوات الماء والعصافير وحفيف الأشجار.
ثانيا تودد الله إلينا بالمعاملة الحسنة
فالله تعالى موجود في كل زمان ومكان، ينتظر شكوى عبده ودعوته، يستطيع العبد أن يلجأ إليه في السراء والضراء، مهما كانت معصيته ومهما كان سوءه.
لا تشغله مسألة عن مسألة، ولا تلتبس عليه اللغات، ولا تختلط عليه الظنون، فهم –سبحانه- : {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر 19).
وعندما يلجأ العبد إلى الله فهو يلجأ إلى من يحبه ويريد له اليسر، ويسمعه بلا مقاطعة أو استفسار، وفوق هذا فالله ستار، لا يفضح عبده التائب، وهو الوحيد القادر على المساعدة.
{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (الشورى 12).
فالله يخاطبنا من خلال القرآن الذي أنزله على نبيه، ونتكلم إلى الله –عز وجل- من خلال المناجاة التي تمنحنا السكينة وتملأ قلوبنا باهدوء والرضا.
ثالثا تودد إلينا بتسهيل الشرائع
فالحج مرة في العمر لمن استطاع إليه سبيلا، والصلاة خمس مرات في اليوم، نحتاج إليها ولا يحتاج إليها ربنا عز وجل، والصيام شهر واحد في العام.
رابعا تودد إلينا بقبول القليل ومضاعفة الحسنات
فالله تعالى يجزي على الحسنة بعشر أمثالها ويزيد أما السيئة فبمثلها فقط ويعفو
خامسا الله لا يتودد للمؤمنين فقط
بل يتودد الله للعصاة أيضا ولا يقنطهم من رحمته، ويمهلم في الدنيا عمرا، فيقول تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر 53).