الإنسان زمن، فإذا ذهب بعض الزمن، ذهب بعض الإنسان، فإذا قضى الإنسان وقته فيما لا يبقى له في الآخرة، فقد خسر الإنسان بعضه، أما إذا عمل لما بعد الزمن، فقد ادخر من نفسه ما يقيته.
فإذا كانت حياته كلها على منهج الله عز وجل، فقد ادخر حياته كلها لما بعد الزمن، وهي الحياة الآخرة.
لذلك كان الصبر واليقظة هما مفتاح الفلاح الإنساني في الدنيا والآخرة، وبهذا يتجلى المعنى الإعجازي لسورة العصر التي يقول فيها المولى –عز وجل-:
{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}.
كما أوصى الله تعالى المؤمنين بالاستعانة بالصبر والصلاة في قوله تعالى: { َاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (البقرة 45).
فالصلاة هي أداة تحديد الزمن، والفطنة له، والصبر على الصلاة أداة المؤمنين الخاشعين للاهتداء إلى منهج الله القويم، وصراطه المستقيم في الدنيا، ومن ثم الآخرة.
على هذا، ينبغي أن يكون الصبر هو خلق حياة المسلم الفطن، ومنهاج حياته في أمره كله، فيصبر على رزقه، ويصبر على ولده، ويصبر على تعاليم دينه، ويصبر على نفسه.
من العجيب أن نرى أن تلك النفس على ضعفها، شديدة العجل، لا تنظر إلى حدودها، ولا إلى داخلها أبدا، خاصة إذا كانت في حركة دائمة، وتشوف دائم لما في الدنيا.
لكن النفس إذا صبرت وسكنت، استطاعت أن تدرك حدود ذاتها وإمكانياتها، ووجدت في منهج الله –عز وجل- اتساقا مع هذا الضعف وتلك الحدود.
لذا من خلال الإيمان فقط، تستطيع النفس النجاة.